26‏/06‏/2010

موضوع ساخر للكاتب تمر هندي
أرجو أن تكون قراءة ممتعه !



ايهٍ يا عاهرات العالم .. كيف الحال ؟


- في ظلمة الليل البهيم ..
- مه ! كيف يكون الليل (بهيماً) كتلك التي تعج بها زريبة جدي ؟
- سؤالك يدل على أنك متأثر بمقتنيات جدك حد التطابق الفكري في المأكل وطريقة عمل المخ ..
- وما البهيم إذن ؟
- البهيم بفتح الباء يعني المُغرق في السواد .. حالك الظلام .. شديد سواد المكنونات ، أما البهيم بكسر الباء فأنت أقدر على شرحها مني ، ثم دعني أقرقر بارك الله فيك واخرس قليلاً
- حسناً .. في ظلمة الليل الغامق ، لسعني بريق عينيها كأنه شرر قد أصاب قلبي بسهم مسموم
- من سهام إبليس ؟
- لا .. ليس من نبل إبليس ، بل من قوس عينيها
- يعني السهم من إبليس والقوس من عينيها ؟
- لماذا لا تفهم ؟
- صحيح .. لماذا لا أفهم ؟
- دعني أقرقر ولك مني حلوية بعد انتهاء الوصلة

العالم يحارب تاريخه ، ويشعر بالخجل من كل شئ ورد في طياته ، أحاول أن أعيد كتابة الذي فات وأحلم بمستقبل (مكتمل التزوير) جاهز دون الحاجة لأن أقوم بتزويره لاحقاً حين يصبح المستقبل تاريخاً ، كلنا نقف في الطابور بانتظار الدور لنبدي رأينا في التاريخ الذي كتبه غيرنا وألزمونا بتدوينه على نحو يحرجنا ويسبب لنا كثيراً من الحقارة الفكرية ، شخصياً حين يأتي دوري سأحدثهم عن الخطأ التاريخي الذي زوره الأجداد حين ادعوا في كتبهم الصفراء أنهم ملكوا الأرض من مشرقها إلى مغربها ، في الوقت الذي لا يتصور أي مواطن معاصر قدرته على أن يتملك داره بالكامل من مشرقها إلى مغربها ، دون أن تنازعه أهواء الآخرين من مركز حماية البيئة وحقوق الإنسان ومرصد التغيرات المناخية ، لا يملك الإنسان قوت عقله للدرجة التي تدفعه للجنون ، ولا قوت عياله للحافة التي تنتهي عندها آخر قفزاته ، ولولا أن غنماته تأكل من مطر السماء لنازعته هى الأخرى في طبقه ، ولطالبت الأمم المتحدة بتخصيص مساحة مناسبة لها في براد البيت.

حين يقولوا لنا إن التاريخ لا يكذب أقول لهم وكذلك قرقرة بطني لا يخونها التعبير ، حين يقسموا لي أن أجدادنا كانوا ملوكاً على البلدان وهم يرتدون المرقع وينتعلون الحصى وينامون تحت الشجر فأقول نفس العيشه والله ، إلا أني لا أملك من الدنيا أي شئ .. حتى اسمي لا أملكه ، فمن الممكن أن يصدر قراراً في الصباح أني لست محمد .. وأن هناك خطأ (تاريخي) في البيانات وأن اسمي الحقيقي (حصة) .. فهل تراني قادراً على إقناعهم بوجهة نظري البيولوجية مثلاً ؟ لا أملك داري ولا عملي ولا أعلم الغيب فأتوقع نجاح روايتي التي أفكر بكتابتها وسأنشر فيها أرقام تليفونات صديقاتي العاهرات ، ولا أعلم يقيناً أن هناك مكرمة تزحف الآن على بطنها باتجاه بيتي ، لا أملك من دنياي إلا العظم الذي أجده دوماً في الكرشه ، ولا أظن أني في محياي أو بعد مماتي سأصبح رئيساً لأي شئ ، حتى دورة الميه أعزكم الله لست رئيسها الحالي ، وأغلب ظني الذي شكلته قناعتي بعد طول معاينة للتلفاز ، أن ما كتبه التاريخ لا علاقة له بالحقيقة التي أراها في حارتنا ساعة العصاري ، حين تعمل سيارات الصرف على أقصى طاقتها ، تشفط زبالاتنا التي أصدرها بجودة عالية للعالم الحر ولا أملك غيرها ، في حارة تعج بأحلام الفقراء تتراقص داخل الخزان ، ونحن نتابع على الشاشات أجدادنا المعاصرين يرتدون الحرير ويلبسون الديباج وينتعلون جلودنا.

يسألني ولدي عن (بكره) فأربت على رأسه المنكوش وأقول له حظك ونصيبك بإنتظارك في الخزان
حيث تقبع كل أحلامنا بإنتظار الشفطة المناسبة
فلا أحلى من أن نكتب عن الفقر بعد تخمة العشاء
ونكتب عن الحزن من كيس البوبكورن
ونكتب عن الرحيل ونحن هاهنا قاعدون في الحوش يفلي الزمان رؤوسنا
نكذب لنكون من الصادقين
ونضحك لنكون من المعذبين
وإذا أردت عيشة الأبرار فقل تم
نطلب الحياة فتهب لنا المزابل
نطلب الموت فيضعونا على قوائم الإنتظار
نطلب الآخرة فيسجوننا في حفرة الدنيا
نطلب الصمت فيتكلموا نيابة عنا
نطلب الكلام فيقولوا كفيتم
نطلب الجهاد فيجاهدوننا حق الجهاد
نطلب الشبع فيملأون بطوننا بالأكاذيب
نطلب العزة فيديرون لنا نعالهم
نطلب النصرة فيرسلون لنا فتاويهم

نطلب .. ألا نطلب فيلبون طلباتنا على الفور !!